للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتضمَّنت إثباتَ المعاد، وجزاءَ العباد بأعمالهم حسنِها وسيِّئها، وتفرُّدَ الرّبِّ تعالى بالحكم إذ ذاك بين الخلائق، وكونَ حكمه بالعدل. وكلُّ هذا تحت قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}.

وتضمّنت إثبات النُّبوّات من جهات عديدة:

أحدها: كونه ربَّ العالمين، فلا يليق به أن يتركهم سُدًى مُهْملًا (١) , لا يعرِّفهم ما ينفعهم في معاشهم ومعادهم وما يضرُّهم فيهما؛ فهذا هضمٌ للرُّبوبيّة، ونسبةٌ إلى الرّبِّ تعالى ما لا يليق به. وما قدَرَه حقَّ قدره مَن نسَبه إليه.

الثّاني (٢): أخذُها من اسمه "الله"، وهو المألوه المعبود، ولا سبيل للعباد إلى معرفة عبوديته إلّا من طريق رسله.

الموضع الثّالث: من اسمه "الرّحمن"، فإنّ (٣) رحمته تمنع إهمالَ عباده، وعدمَ تعريفهم ما ينالون به غاية كمالهم. فمن أعطى (٤) اسمَ الرّحمن حقَّه علِمَ (٥) أنّه متضمِّنٌ لإرسال الرُّسل وإنزال الكتب أعظمَ مِن تضمُّنه إنزالَ الغيث، وإنباتَ الكلأ، وإخراجَ الحَبِّ. فاقتضاءُ الرّحمة لما يحصل به حياة القلوب والأرواح أعظمُ من اقتضائها لما يحصل به حياة الأبدان


(١) طمس بعضهم الميم في الأصل (ق)، وكذا "هملًا" جاء في بعض النسخ المتأخرة.
(٢) ج، ع: "الموضع الثاني".
(٣) ل: "الذي". وقد أصاب هذا الموضع بلل ذهب بالكلمة، فاستدركها بعضهم تقديرًا.
(٤) هنا ذهبت الرطوبة في ل بالكلمتين: "فمن أعطى"، وبقي البياض في موضعهما.
(٥) ع: "عرف".

<<  <  ج: ص:  >  >>