للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عادة المسافر: أنّه إذا عاين القرية التي يريد دخولها أسرع السَّيرَ، وبذلَ الجهد. وكذلك المسابق إذا عاين الغاية: استفرغ قوى جَرْيه وسَوْقه، وكذلك الصّادق في آخر عمره: أقوى عزمًا وقصدًا من أوّله، لقربه من الغاية التي أُجري إليها.

فصل

قال (١): (الدّرجة الثّالثة: معرفة علّة العزم، ثم العزمُ على التّخلُّص من العزم، ثمّ الخلاص من تكاليف ترك العزم. فإنّ العزائم لم تُورِثْ أربابها ميراثًا أكرمَ من وقوفهم على علل العزائم).

معرفة علّة العزم هي نسبته (٢) إلى نفسه، فإذا عرف أنّ العزم مجرّد فضل الله وإيثاره وتوفيقه، وأنّه ليس من العبد= فنسبته إيّاه بعد ذلك إلى نفسه علّةٌ قادحةٌ فيه. فإذا لاح له لائح الكشف، وشهد توحيدَ الفعل، علم حينئذٍ علّةَ عزمه، وهو نسبته إيّاه إلى نفسه ورؤيته له. فإذا عرف هذه العلّة عزمَ على التّخلُّص منها بالعزم على التّخلُّص (٣) من العزم.

وهذا قد يسبق منه إلى الذِّهن تناقضٌ وتدافعٌ، فكيف يتخلّص من العزم بالعزم؟

ومراده: أن يَعزِم على التّخلُّص من العزم المنسوب إليه بالعزم الذي هو مجرّد فضل الله وموهبته. فلا تناقضَ حينئذٍ. فيتخلّص من العزم بالعزم (٤)،


(١) «المنازل» (ص ٥١).
(٢) ش، د: «نسبة».
(٣) «منها بالعزم على التخلُّص» ساقطة من ش، د.
(٤) «بالعزم» ليست في ش، د.

<<  <  ج: ص:  >  >>