للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرف النُّفوس دخولها في رقِّهم (١) ... والعبد يحوي الفخر بالمتملِّك

والذي حسَّن استشهاده بقوله: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} في هذا الموضع إرادةُ هذا المعنى، وأنه سبحانه صاحب دعوة الحقِّ لذاته وصفاته. وإن لم يوجب لداعيه بها ثوابًا، فإنَّه يستحقُّها لذاته، فهو أهلٌ أن يُعبد وحده، ويُدعى وحده، ويُقصد ويُشكر ويُحمد، ويُحبَّ ويُرجى ويُخاف، ويُتوكَّل عليه، ويستعان به، ويستجار به، ويلجأ إليه، ويصمد إليه، فتكون الدعوة الإلهيَّة الحقُّ له وحده. ومن قام بقلبه هذا معرفةً وذوقًا وحالًا صحَّ له مقام التبتُّل والتجريد المحض.

وقد فسَّر السلف - رضي الله عنهم - دعوةَ الحقِّ بالتوحيد والإخلاص فيه والصِّدق، ومرادهم هذا المعنى، فقال عليٌّ: دعوة الحق: التّوحيد، وقال ابن عباسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله. وقيل: الدُّعاء بالإخلاص، والدُّعاء الخالص لا يكون إلّا لله (٢). ودعوة الحقِّ هي: دعوة الإلهيَّة وحقوقها وتجريدها وإخلاصها.

قال (٣): (وهو على ثلاث درجاتٍ. الدرجة الأولى: تجريد الانقطاع عن الحظوظ واللُّحوظ إلى العالم خوفًا أو رجاءً أو مبالاةً بحالٍ).

قلت: التّبتُّل يجمع أمرين: اتِّصالًا وانفصالًا، لا يصحُّ إلَّا بهما.


(١) م: «رقِّه».
(٢) زِيد في ش، م: «وحده». وهذه الأقوال من «معالم التنزيل» (٤/ ٣٠٥). وأخرج الطبري (١٣/ ٤٨٦) منها قول علي وابن عباس.
(٣) «المنازل» (ص ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>