للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحن نقول: «محمّدٌ رسول الله» من تمام قول «لا إله إلّا الله». فالكلمتان يخرجان من أصل القلب من مشكاةٍ واحدةٍ (١)، لا تتمُّ إحداهما إلّا بالأخرى.

فصل

قال صاحب «المنازل» - رحمه الله - (٢): (باب الغيرة. قال الله عزَّ وجلّ حاكيًا عن نبيِّه سليمان عليه السّلام: {(٣٢) رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ} [ص: ٣٣]).

ووجه استشهاده بالآية: أنّ سليمان عليه السّلام كان يحبُّ الخيل، فشَغَلَه استحسانُها والنّظرُ إليها ــ لمّا عُرِضَتْ عليه ــ عن صلاة النّهار، حتّى توارت الشَّمسُ بالحجاب، فلحِقتْه الغيرةُ لله من الخيل، إذ استغرقَه استحسانُها والنّظر إليها عن خدمتِه وحقِّه، فقال: ردُّوها عليَّ، فطفِقَ يضرب أعناقَها وعراقيَبها بالسّيف غيرةً لله (٣).

قال (٤): (الغيرة: سقوطُ الاحتمال ضَنًّا، والضِّيق عن الصَّبر نفاسةً).

أي عَجْزُ الغيورِ عن احتمال ما يَشْغَلُه عن محبوبه ويَحْجُبه عنه، ضَنًّا به ــ أي بخلًا به ــ أن يعتاض عنه بغيره. وهذا البخل هو محض الكرم عند المحبِّين الصّادقين.


(١) ش، د: «واحد».
(٢) (ص ٧٢).
(٣) انظر: «تفسير الطبري» (٢٠/ ٨١ وما بعدها)، و «تفسير ابن كثير» (٦/ ٤١٩، ٤٢٠).
(٤) «المنازل» (ص ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>