للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أساسَه وخرَّبوه! وكم من عَلَمٍ له قد طمسوه! وكم من لواءٍ مرفوعٍ له قد وضعوه! كم (١) ضربوا بمعاول الشُّبه في أصول غِراسه (٢) ليقلعوها! وكم عمَّوا عيونَ موارده بآرائهم ليدفنوها ويقطعوها!

فلا يزال الإسلامُ منهم في محنةٍ وبليّةٍ، ولا يزال يطرُقُه مِن شُبَههم سريَّةٌ بعد سريَّةٍ، ويزعمون أنّهم بذلك مصلحون! {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ} [البقرة: ١٢]، {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [الصف: ٨].

اتَّفقوا على مفارقة الوحي، فهم على ترك الاهتداء به مُجْمِعُون. {فَتَقَطَّعُوا (٣) أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون: ٥٣]، {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: ١١٢]، ولأجل ذلك {اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان: ٣٠].

درست معالمُ الإيمان في قلوبهم فليسوا يعرفونها، ودثَرت معاهدُه عندهم فليسوا يعمُرونها، وأفَلَتْ كواكبُه من قلوبهم فليسوا يُحْيُونها، وكسَفَت شمسُه عند اجتماع ظُلَمِ آرائهِم فليسوا يبصرونها.

لم يقبلوا هدى الله الذي أرسَلَ به رسولَه ولم يرفعوا به رأسًا، ولم يروا بالإعراض عنه إلى آرائهم وأفكارهم بأسًا.

خلعوا نصوصَ الوحي عن سلطنة الحقيقة وعزلوها عن ولاية اليقين،


(١) ع: "وكم".
(٢) ش: "غرسه".
(٣) ما عدا ش: "وتقطعوا".

<<  <  ج: ص:  >  >>