للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فطرةً خالصةً سائغةً للعارفين، كما يخرج اللّبن من بين فَرْثٍ ودمٍ لبنًا خالصًا سائغًا للشّاربين.

والأمر الثّالث: قوله: (ويُنْسَى به الكون)، أي ينسى الكون بما يغلب على القلب من اشتغاله بهذه الحال المذكورة. والمراد بالكون المخلوقات، أي فيشتغل بالحقِّ عن الخلق.

فصل

قال (١): (الدّرجة الثّالثة: صفاء اتِّصالٍ. يُدرِج حظَّ العبوديّة في حقِّ الرُّبوبيّة، ويُغرِق (٢) نهايات الخبر في بدايات العيان، ويَطوِي خسّةَ التّكاليف في عين (٣) الأزل).

في هذا اللّفظ قلقٌ وسوء تعبيرٍ، يَجْبُره حسنُ حال صاحبه وصدقه وتعظيمه لله ورسوله، ولكن أبى الله أن يكون الكمال إلّا له سبحانه. ولا ريبَ أنّ بين أرباب الأحوال وأصحاب التّمكُّن تفاوت عظيم (٤). وانظر إلى غلبة الحال على الكليم، لمّا شاهد آثار التّجلِّي الإلهيِّ على الجبل كيف خرَّ صَعِقًا؟ وصاحب التّمكُّن ــ صلوات الله وسلامه عليه ــ لمّا أُسري به ورأى ما رأى لم يصعَقْ ولم يخرَّ، بل ثبت فؤاده وبصره.

ومراد القوم بالاتِّصال والوصول: اتِّصال العبد بربِّه ووصوله إليه، لا


(١) «المنازل» (ص ٨٤).
(٢) في النسخ: «ويعرف»، والمثبت من «المنازل» و «شرح التلمساني».
(٣) في «المنازل»: «عز».
(٤) كذا في النسخ مرفوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>