للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

قال (١): (الدرجة الثانية: أن لا يتمنَّى الحياة إلا للحقِّ، ولا يشهد من نفسه إلا أثر النُّقصان، ولا يلتفت إلى ترفيه الرُّخص).

أي لا يحبُّ أن يعيش إلا ليشبع من رضا محبوبه، ويقوم بعبوديَّته، ويستكثر من الأسباب التي تقرِّبه منه (٢)، كما قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: لولا ثلاثٌ في الدنيا لما أحببت البقاء: لولا أن أحمل على جياد الخيل في سبيل الله، ومكابدة اللَّيل، ومجالسة أقوامٍ ينتقون أطايب الكلام كما يُنتقى أطايب الثمر (٣). يريد - رضي الله عنه -: الجهاد، والصلاة، والعلم (٤). وهذه درجات الفضائل، وأهلها هم أهل الزُّلفى والدرجات العالية.

وقال بعض الصحابة - رضي الله عنهم - (٥) عند موته: اللهمَّ إنَّك تعلم أنِّي لم أكن أحبُّ الدنيا لغرس الأشجار ولا لِكَرْي الأنهار (٦)، وإنما كنت أحبُّها


(١) «المنازل» (ص ٤٣).
(٢) ع: «تقربه إليه وتُدنيه منه»، ثم زاد: «لا لعلَّة من علل الدنيا ولا لشهوة من شهواتها».
(٣) أخرجه ابن المبارك في «الجهاد» (٢٢٢) وعبد الله بن أحمد في زوائد «الزهد» (ص ١٤٥ - ١٤٦) وأبو نعيم في «الحلية» (١/ ٥١) بنحوه، ورجاله ثقات.
وروي نحوه عن أبي الدرداء أيضًا، أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (٢٧٧) وكذا أحمد (ص ١٦٨ - ١٦٩) وأبو نعيم في «الحلية» (١/ ٢١٢) وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٤٧/ ١٥٩ - ١٦١) من طرق عنه.
(٤) ع: «والعلم النافع».
(٥) ع: «معاذ - رضي الله عنه -».
(٦) ع: «أحب البقاء لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار، ولا لنكح الأزواج».

<<  <  ج: ص:  >  >>