للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إشارة الخلق إليه، الموجبةِ لحسن ظنِّه بنفسه الموجبِ لدعواه، فالسبب سترٌ لحاله ومقامه وحجابٌ مسبلٌ عليه.

ومن وجهٍ آخر، وهو أنه يشهد به فقرَه وذلَّه وامتهانَه امتهانَ العبيد والفَعَلةِ (١)، فيتخلَّص من رعونة دعوى النفس، فإنَّه إذا امتهن نفسه بمعاطاة الأسباب سَلِم من هذه الأمراض.

فيقال: إذا كانت الأسباب مأمورًا بها ففيها فائدةٌ أجلُّ من هذه الثلاث، وهي المقصودة بالقصد الأوَّل، وهذه مقصودةٌ قصدَ الوسائل، وهي القيام بالعبوديَّة؛ الأمر (٢) الذي خلق له العبد، وأرسلت به الرُّسل، وأنزلت لأجله الكتب، وبه قامت السّماوات والأرض، وله وُجدت الجنة والنار.

فالقيام بالأسباب المأمور بها محضُ العبوديَّة وحقُّ الله على عبده الذي توجَّهت به نحوه المطالب، وترتَّب عليه الثواب والعقاب.

فصل

قال (٣): (الدرجة الثانية: التوكُّل مع إسقاط الطلب، وغضِّ العين عن السبب؛ اجتهادًا لتصحيح التوكُّل، وقمعًا لشرف النفس، وتفرُّغًا إلى حفظ الواجبات).

قوله: (مع إسقاط الطلب)، أي من الخلق (٤)، فلا يطلب من أحدٍ شيئًا.


(١) أي: الذين يعملون عمل الطين والحَفْر وما أشبه ذلك.
(٢) ع: «والأمر»، خطأ.
(٣) «المنازل» (ص ٣٤).
(٤) زاد في ع: «لا من الحق».

<<  <  ج: ص:  >  >>