للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من هو أفضلُ منهم يقينًا (١).

وقد اختلف في تفضيل اليقين على الحضور أو الحضور على اليقين.

فقيل: الحضور أفضل، لأنّه وَطَناتٌ، واليقين خَطَراتٌ (٢). وبعضهم رجّح اليقين، وقال: هو غاية الإيمان. والأوّل رأى أنّ اليقين ابتداء الحضور، فكأنّه جعل اليقين ابتداءً، والحضور دوامًا.

وهذا الخلاف لا يتبيّن، فإنّ اليقين لا ينفكُّ عن الحضور، ولا الحضور عن اليقين. بلى في اليقين من زيادة الإيمان، ومعرفة تفاصيله وشُعَبه (٣)، وتنزيلِها منازلَها= ما ليس في الحضور، فهو أكملُ منه من هذا الوجه. وفي الحضور من الجمعيّة، وعدمِ التّفرقة، والدُّخولِ في الفناء= ما قد ينفكُّ عنه اليقين. فاليقين أخصُّ بالمعرفة، والحضور أخصُّ بالإرادة. والله أعلم.

وقال النَّهرَجُوريُّ - رحمه الله -: إذا استكمل العبد حقائقَ اليقين صار البلاء عنده نعمةً، والرّخاء (٤) مصيبةً (٥).

وقال أبو بكرٍ الورّاق - رحمه الله -: اليقين على ثلاثة أوجهٍ: يقين خبرٍ، ويقين دلالةٍ، ويقين مشاهدةٍ (٦).


(١) المصدر نفسه (ص ٤٣٦). و «طبقات الصوفية» للسلمي (ص ١٦٣).
(٢) قاله علي بن سهل، كما في «الرسالة القشيرية» (ص ٤٣٥)، و «طبقات الصوفية» (ص ٢٣٤).
(٣) ش، د: «وسعته».
(٤) ل: «والرجاء»، تصحيف.
(٥) «الرسالة القشيرية» (ص ٤٣٦).
(٦) المصدر نفسه (ص ٤٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>