للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلائق، فإنّه لا ظلمَ فيها ولا حيفَ ولا جورَ, وإن أجراها على أيدي الظّلمة. فهو أعدل العادلين, ومن جرتْ على يديه هو الظّالم.

وكذلك تعرف برَّه في منعه, فإنّه سبحانه هو الجواد الذي لا يَنقُص خزائنَه الإنفاقُ، ولا يَغيض ما في يمينه سعةُ عطائه. فما منع مَن منعَه فضلَه إلّا لحكمةٍ كاملةٍ في ذلك, فإنّه الجواد الحكيم, وحكمته لا تناقض جودَه. فهو لا يضع برَّه وفضلَه إلّا في موضعه ووقته, بقدر ما تقتضيه حكمته. ولو بسط الله (١) الرِّزق لعباده لفسدوا وهلكوا. ولو علم في الكفّار خيرًا وقبولًا لنعمة الإيمان، وشكرًا له عليها، ومحبّةً له واعترافًا بها= لهداهم إلى الإيمان. ولهذا لمّا قالوا للمؤمنين: {أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا} أجابهم بقوله: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام: ٥٣].

سمعت شيخ الإسلام ابن تيميّة - رحمه الله - يقول: الذين يعرفون قدر نعمة الإيمان، ويشكرون الله عليها.

فهو سبحانه ما أعطى إلّا بحكمته, ولا منعَ إلّا لحكمته، ولا أضلَّ إلّا لحكمته.

وإذا تأمّل البصير أحوالَ العالم وما فيه من النّقص (٢) رآه عينَ الحكمة, وما عمرت الدُّنيا والآخرة والجنّة والنّار إلّا لحكمته.

وفي الحكمة ثلاثة أقوالٍ للنّاس (٣).


(١) كلمة الجلالة ليست في ش, د.
(٢) ل: «النقض والإبرام».
(٣) «للناس» ليست في ش, د.

<<  <  ج: ص:  >  >>