للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اجةٍ منه وافتقارٍ إليه، كموالاته له. وأمَّا توكيل العبد ربّه فتسليمٌ لربوبيَّته وقيامٌ بعبوديَّته.

وقوله: (وهو من أصعب منازل العامَّة عليهم)، لأنَّ العامَّة لم يخرجوا عن نفوسهم ومألوفاتهم، ولم يشاهدوا الحقيقة التي شهدها الخاصَّة، وهي التي تشهد (١) التوكل (٢)، فهم في رقِّ الأسباب، فيصعب عليهم الخروجُ عنها، وخلوُّ القلب منها، والاشتغالُ بملاحظة المسبِّب وحده.

وأمّا كونه (أوهى السُّبل عند الخاصَّة)، فليس على إطلاقه، بل هو من أجلِّ السُّبل عندهم وأفضلها وأعظمها قدرًا. وقد تقدَّم في صدر الباب أمرُ الله رسولَه بذلك، وحضُّه عليه هو والمؤمنين. ومن أسمائه - صلى الله عليه وسلم -: المتوكِّل (٣)، وتوكُّله أعظم توكُّلٍ.

وقد قال الله (٤): {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ} [النمل: ٧٩]، وفي ذكر أمره بالتوكُّل (٥) مع إخباره بأنَّه على الحقِّ دلالةٌ على أن الدِّين مجموعُه (٦) في هذين الأمرين: أن يكون العبد على الحقِّ في قوله وعمله


(١) كذا في النسخ، وأخشى أن يكون تصحيفًا عن «تثمر»، على غرار ما سبق (ص ٢٤٧) من قوله: «والإيمان بالقدر يثمر التوكل».
(٢) ع: «التوكيل».
(٣) هكذا سمِّي في التوراة على ما أخبر به عبد الله بن عمرو بن العاص في حديثٍ له عن صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها. أخرجه البخاري (٢١٢٥).
(٤) في ع زيادة: «له».
(٥) «وقد قال الله ... » إلى هنا ساقط من طبعة الصميعي.
(٦) ع: «بمجموعه».

<<  <  ج: ص:  >  >>