للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي «الصحيح» (١) عنه - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ ممَّا أدرك الناسُ من كلام النُّبوَّة الأولى: إذا لم تستَحْيِ فاصنع ما شئت». وفي هذا قولان:

أحدهما: أنَّه أمرُ تهديدٍ، ومعناه الخبر، أي: من لم يستحي صنع ما شاء.

والثّاني: أنَّه أمر إباحةٍ، أي: انظر إلى الفعل الذي تريد أن تفعله، فإن كان ممَّا لا تستحيي منه فافعله. والأوَّل أصحُّ، وهو قول الأكثرين.

وفي «الترمذيِّ» (٢) مرفوعًا: «استحيُوا من الله حقَّ الحياء»، قالوا: إنَّا نستحيي يا رسول الله، قال: «ليس ذلك، ولكنَّ من استحيا من الله حقَّ الحياء فليحفظ الرأس وما وعى، وليحفظ البطن وما حوى، وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدُّنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حقَّ الحياء».

فصل

والحياء من الحياة، ومنه «الحيا» للمطر، لكن هو مقصور. وعلى حسب حياة القلب يكون (٣) فيه قوَّةُ خُلُق الحياء، وقلَّةُ الحياء من موت القلب والرُّوح، فكلَّما كان القلب أحيى كان الحياء أتمَّ.


(١) للبخاري (٦١٢٠) من حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري - رضي الله عنه -.
(٢) برقم (٢٤٥٨)، وأخرجه أيضًا أحمد (٣٦٧١) والبزار (٢٠٢٥) وأبو يعلى (٥٠٤٧) والحاكم (٤/ ٣٢٣) من حديث عبد الله بن مسعود بإسناد ضعيف. قال الترمذي: «هذا حديث غريب إنما نعرفه من هذا الوجه».
وقد روي من وجوه أخرى مرفوعًا بنحوه، ولكنها طرق واهية لا يُفرح بها. انظر: تخريج محققي «المسند» و «أنيس الساري» (٣٥٠٣).
(٣) في النسخ عدا ش، ع: «ويكون». وفي الأصل: «ويكون يكون» مكرَّر.

<<  <  ج: ص:  >  >>