للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

إذا عرف هذا فلنرجع إلى شرح كلامه.

قال: (وبهذا الرِّضا نطق التنزيل)، يشير إلى قوله عزَّ وجلَّ: {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [المائدة: ١١٩].

وقال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المجادلة: ٢٢].

وقال تعالى: {(٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (٧) عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة: ٧ - ٨].

فتضمَّنت هذه الآيات جزاءهم على صدقهم وإيمانهم، وأعمالهم الصالحة، ومجاهدة أعدائه وعدم ولايتهم= بأن رضي الله عنهم، فأرضاهم فرضوا عنه. وإنَّما حصل لهم هذا بعد الرِّضا به ربًّا، وبمحمَّدٍ نبيًّا، وبالإسلام دينًا.

وقوله: (وهو الرِّضا عنه في كلِّ ما قضى)، هاهنا ثلاثة أمورٍ: الرِّضاء بالله، والرِّضا عن الله، والرِّضا بقضاء الله.

فالرِّضا به فرضٌ، والرِّضا عنه وإن كان من أجلِّ الأمور وأشرف أنواع العبوديَّة فلم يطالب به العموم، لعجزهم عنه ومشقّته عليهم. وأوجبته طائفةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>