للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: (والرُّجوع إليه حالًا، كما رجعت (١) إليه إجابةً)، أي: هو سبحانه قد دعاك فأجبتَه بلبَّيك وسعديك قولًا، فلا بدَّ من الإجابة حالًا تصدِّق به المقال، فإنَّ الأحوال تصدِّق الأقوال أو تكذِّبها، وكلُّ قولٍ فلصدقه وكذبه شاهدٌ من حال قائله؛ فكما رجعت إليه إجابةً بالمقال، فارجِعْ إليه إجابةً بالحال. قال الحسن - رحمه الله -: ابنَ آدم، لك قولٌ وعملٌ، وعملك أولى بك من قولك؛ ولك سريرةٌ وعلانيةٌ، وسريرتك أَمْلَكُ بك من علانيتك (٢).

فصل

قال (٣): (وإنَّما يستقيم الرُّجوع إليه إصلاحًا بثلاثة أشياء: بالخروج من التّبعات، والتّوجُّع للعثرات، واستدراك الفائتات).

(الخروج من التّبعات) هو بالتَّوبة من الذُّنوب التي بين العبد وبين الله تعالى، وأداءِ الحقوق التي عليه للخلق.

(والتّوجُّع للعثرات) يحتمل شيئين:

أحدهما: أن يتوجَّع لعثرته إذا عثر، فيتوجَّع قلبه وينصدع، فهذا دليلٌ على إنابته إلى الله، بخلاف من لا (٤) يتألَّم قلبه ولا ينصدع من عثرته، فإنّه دليلُ فساد قلبه وموته.


(١) كذا هنا، ولفظ «المنازل» كما سبق قريبًا: «رجع».
(٢) أسنده ابن المبارك في «الزهد» (٧٧) ــ ومن طريقه ابن أبي الدنيا في «الصمت» (٦٢٩) ــ والإمام أحمد في «الزهد» (ص ٣٤٣) من طريقين عن الحسن بنحوه.
(٣) «منازل السائرين» (ص ١٣).
(٤) م، ع: «لم».

<<  <  ج: ص:  >  >>