للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضعُفَ الآخرون (١) عن الحال في العلم، فلم يتمكّن كلٌّ منهما من الجمع بين الحال والعلم. فأخذ هؤلاء العلمَ وسعتَه ونورَه ورجّحوه، وأخذ هؤلاء الحالَ وسلطانه وتمكينه ورجّحوه. وصار الصّادق الضّعيف من الفريقين يسير بأحدهما ملتفتًا إلى الآخر.

فهذا مطيعٌ للحال (٢)، وهذا مطيعٌ للعلم. لكنّ المطيع للحال متى عصى به العلم كان منقطعًا محجوبًا (٣)، وإن كان له من الحال ما عساه أن يكون. والمطيع للعلم متى أعرض به عن الحال كان مضيِّعًا منقوصًا، مشتغلًا بالوسيلة عن الغاية.

وصاحب التّمكين يتصرَّفُ علمُه في حاله، ويحكم عليه، فينقاد لحكمه. ويتصرّف حالُه في علمه، فلا يدَعُه أن يقف معه، بل يدعوه إلى غاية العلم، فيجيبُه ويلبِّي دعوته. فهذه حالُ الكُمَّل من هذه الأمّة، ومن استقرأ أحوال الصّحابة وجدها كذلك.

فلمّا فرّق (٤) المتأخِّرون بين الحال والعلم دخل عليهم النّقصُ والخلل، والله المستعان. {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [الشورى: ٤٩ - ٥٠]، فكذلك يَهَبُ لمن يشاء علمًا، ولمن يشاء حالًا، ويجمع بينهما لمن يشاء (٥)،


(١) ر: «الآخر».
(٢) ر: «إلى الحال».
(٣) ت: «محجورًا».
(٤) د: «فرع».
(٥) ش: «شاء».

<<  <  ج: ص:  >  >>