للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال صاحب «المنازل» - رحمه الله - (١): (الهمّة: ما يملك الانبعاثَ للمقصود صرفًا، لا يتمالك صاحبها، ولا يلتفت عنها).

قوله: (يملك الانبعاث للمقصود)، أي يستولي عليه كاستيلاء المالك على المملوك (٢).

و «صِرْفًا» أي خالصًا صرفًا. والمراد أنّ همّة العبد إذا تعلَّقت بالحقِّ تعالى طلبًا خالصًا صادقًا محضًا، فتلك هي الهمّة العالية التي لا يتمالك صاحبها، أي لا يقدر على المهلة (٣)، ولا يتمالك صبره، لغلبة سلطان الهمة عليه، وشدّةِ إلزامها إيّاه بطلب المقصود، ولا يلتفت عنها إلى ما سوى أحكامها. وصاحبُ هذه الهمّة سريعٌ وصوله وظفَرُه بمطلوبه، ما لم تَعُقْه العوائق، وتقطَعْه العلائق.

فصل

قال (٤): (وهي على ثلاث درجاتٍ. الدّرجة الأولى: همّةٌ تصونُ القلبَ عن وحشة الرّغبة في الفاني، وتَحمِله على الرّغبة في الباقي، وتُصفِّيه من كَدَر التّواني).

الفاني: الدُّنيا وما عليها، أي تُزهِّد القلبَ فيها وفي أهلها. وسمّى الرّغبة فيها وحشةً، لأنّها وأهلها تُوحِش قلوبَ الرّاغبين فيها، وقلوبَ الزّاهدين فيها.


(١) (ص ٦٩).
(٢) «على المملوك» ليست في ش، د.
(٣) كذا في ش، د. وغُيِّر في ل إلى «الملكة».
(٤) «المنازل» (ص ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>