والرجاء له، وإخلاص الدِّين له، والصبر على أوامره وعن نواهيه وعلى أقداره، والرضا به وعنه، والموالاة فيه، والمعاداة فيه، والذلِّ له والخضوع والإخبات إليه، والطمأنينة به، وغير ذلك من أعمال القلوب التي فرضُها أفرَضُ من أعمال الجوارح، ومستحبُّها أحبُّ إلى الله من مستحبِّها. وعملُ الجوارح بدونها إمّا عديم المنفعة أو قليل المنفعة.
وأعمال الجوارح: كالصلاة والجهاد، ونقل الأقدام إلى الجمعة والجماعات، ومساعدة العاجز، والإحسان إلى الخلق، ونحو ذلك.
فـ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} التزامٌ لأحكام هذه الأربعة، وإقرارٌ بها. و {إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} طلبٌ للإعانة عليها والتّوفيق لها. و {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} متضمِّنٌ للتّعريف بالأمرين على التّفصيل، وإلهامِ القيام بهما، وسلوكِ طريق السّالكين إلى الله بهما.
فصل
وجميع الرُّسل إنّما دعوا إلى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، فإنّهم كلَّهم دعوا إلى توحيد الله وعبادته، من أوّلهم إلى آخرهم. فقال نوحٌ لقومه:{اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}[الأعراف: ٥٩]. وكذلك قال هودٌ وصالحٌ وشعيبٌ وإبراهيم عليهم السّلام.
قال الله تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل: ٣٦]. وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا يُوحَى (١) إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: ٢٥]. وقال تعالى: