للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال صاحب "المنازل" - رحمه الله - (١): (وحقائق التّوبة ثلاثة أشياء: تعظيمُ الجناية، واتِّهامُ التّوبة، وطلبُ أعذار الخليقة).

يريدون بالحقائق: ما يتحقَّق به الشَّيءُ، ويتبيَّن صحّتُه وثبوتُه، كما قال النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لحارثة (٢): "إنّ لكلِّ حقٍّ حقيقةً، فما حقيقةُ إيمانك؟ " (٣).

فأمّا تعظيم الجناية، فإنّه إذا استهان بها لم يندم عليها، وعلى قدر تعظيمها يكون ندمُه على ارتكابها. فإنَّ مَن استهان بإضاعة فَلْسٍ مثلًا لم يندم على إضاعته، فإذا علم أنّه دينارٌ اشتدّ ندمُه، وعظمت إضاعتُه عنده. وتعظيمُ الجناية يصدر عن ثلاثة أشياء: تعظيم الأمر، وتعظيم الآمر، والتَّصديق بالجزاء.


(١) "منازل السائرين" (ص ١٠).
(٢) كذا في النسخ وبعض المصادر المتأخرة الآتي ذكرها، وفي أغلب المصادر: "الحارث بن مالك".
(٣) هذا الحديث رُوي معضلًا من طرق عن صالح بن مسمار، وجعفر بن برقان، وزبيد اليامي (وهم من أتباع التابعين) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ينظر: "زهد ابن المبارك" (١/ ١٠٦) و"مصنف عبد الرزاق" (٢٠٠١٤) و"مصنف ابن أبي شيبة" (٣١٠٦٤) و"شعب الإيمان" (١٠١٠٨) و"تاريخ دمشق" (٥٤/ ٢٢٧).

ورُوي معضلًا أيضًا من طريق محمد بن أبي الجهم ــ وهو من أتباع التابعين ــ عن الحارث بن مالك قصته. أخرجه الطبراني (٣/ ٢٦٦) وابن عساكر (٥٤/ ١٧٩).
ورُوي مسندًا من طريقين من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -، كما في "مسند البزار" (١٣/ ٣٣٣) و"تاريخ دمشق" (٣٨/ ٢٧٤)، في أحدهما متروك، وفي الآخر مجهول. وقد ضعَّفه العراقي في "تخريج الإحياء"
قال العراقي في "المغني عن حمل الأسفار" (كتاب الصبر): "أخرجه البزار من حديث أنس، والطبراني من حديث الحارث بن مالك، وكلا الحديثين ضعيف".

<<  <  ج: ص:  >  >>