للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرضى ويغضب، ويحبُّ ويسخط، ويضحك من قنوطهم وقُرب غِيَره، ويجيب دعوة مضطرِّهم، ويغيث ملهوفهم، ويعين محتاجهم، ويجبر كسيرهم، ويغني فقيرهم، ويميت ويحيي، ويعطي ويمنع، يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممَّن يشاء، ويعزُّ من يشاء ويذلُّ من يشاء، بيده الخير وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، كلَّ يومٍ هو في شأنٍ: يغفر ذنبًا، ويفرِّج كربًا، ويفكُّ عانيًا، وينصر مظلومًا، ويقصم ظالمًا، ويرحم مسكينًا، ويغيث ملهوفًا، ويسوق الأقدار إلى مواقيتها، ويجريها على نظامها، ويقدِّم ما يشاء تقديمه، ويؤخِّر ما يشاء تأخيره؛ فأزمَّة الأمور كلِّها بيديه، ومدار تدبير الممالك كلِّها عليه. وهذا مقصودُ الدعوة وزبدةُ الرِّسالة.

القاعدة الثانية: تعريفهم بالطريق الموصل إليه، وهو صراطه المستقيم الذي نصبه لرسله وأتباعهم، وهو امتثال أمره، واجتناب نهيه، والإيمان بوعده ووعيده.

القاعدة الثالثة: تعريف الحال بعد الوصول، وهو ما تضمَّنه اليوم الآخر من الجنَّة والنار، وما قبل ذلك من الحساب، والحوض والميزان والصِّراط.

فقعدت المعطِّلة والجهميَّة على رأس القاعدة الأولى، فحالوا بين القلوب وبين معرفة ربِّها، وسمَّوا إثبات صفاته، وعلوَّه فوق خلقه، واستواءَه على عرشه: تشبيهًا وتجسيمًا وحشوًا، فنفَّروا عنه صبيان العقول؛ وسمَّوا نزوله إلى سماء الدُّنيا، وتكلُّمَه (١) بمشيئته، ورضاه بعد غضبه، وغضبَه بعد رضاه، وسمعَه الحاضر لأصوات العباد، ورؤيتَه المقارنة لأفعالهم ونحوَ


(١) ت: «تكليمه».

<<  <  ج: ص:  >  >>