للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وقد اختلف الناس في الزُّهد هل هو ممكن في هذه الأزمنة (١)؟

فقال أبو حفصٍ - رحمه الله -: الزُّهد لا يكون إلا في الحلال، ولا حلال في الدُّنيا، فلا زهد (٢).

وخالفه النّاس في هذا وقالوا: بل الحلال موجودٌ فيها، وفيها الحرام كثيرًا (٣). وعلى تقدير أن لا يكون فيها الحلال، فهذا أَدْعى إلى الزُّهد فيها وتناولِ ما يتناوله المضطرُّ منها، كتناوله للميتة والدم ولحم الخنزير. (٤)

ثمّ اختلف هؤلاء في متعلَّق الزُّهد، فقالت طائفة: الزُّهد إنما هو في الحلال، لأنَّ ترك الحرام فريضة.

وقالت فرقةٌ: بل الزُّهد لا يكون إلا في الحرام، وأمَّا الحلال فنعمةٌ من الله على عبده، والله يحبُّ أن يرى أثر نعمته على عبده؛ فشُكره على نعمه،


(١) في ع زيادة: «أم لا».
(٢) «القشيرية» (ص ٣٣٧).
(٣) كذا في النسخ، إلا أن الألف مضروب عليها في ل.
(٤) وردت هنا في ع زيادة ليست في سائر النسخ، وهي: «وقال يوسف بن أسباطٍ: لو بلغني أنّ رجلًا بلغ في الزُّهد منزلة أبي ذرٍّ وأبي الدَّرداء وسلمان والمقداد وأشباههم من الصّحابة - رضي الله عنهم - ما قلت له زاهدًا، لأنَّ الزُّهد لا يكون إلا في الحلال المحض، والحلال المحض لا يوجد في زماننا هذا. وأمّا الحرام فإن ارتكبتَه عذَّبك الله عزّ وجلّ».
أسنده أبو نعيم في «الحلية» (٨/ ٢٣٨) بنحوه. والظاهر أن هذه الزيادة ليست من المؤلف، وإلَّا لكانت بعد قول أبي حفص ولقال بعدها: «وخالفهما الناس ... ».

<<  <  ج: ص:  >  >>