للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ديةَ لشهيدٍ. فأصفقَ (١) الصّحابةُ على قول عمر، ووافقَه عليه الصِّدِّيق (٢).

فمن قام لله حتّى أُوذِي في الله حرّم عليه الانتقام، كما قال لقمان لابنه: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان: ١٧].

فصل

المشهد التّاسع: مشهد النِّعمة، وذلك من وجوهٍ:

أحدها: أن يشهد نعمة الله عليه في أن جعلَه مظلومًا يرتقب النّصر، ولم يجعله ظالمًا يرتقب المَقْت والأخذ، فلو خُيِّر العاقل بين الحالتين ــ ولا بدّ من إحداهما ــ لاختار أن يكون مظلومًا.

ومنها: أن يشهد نعمة الله عليه في التّكفير بذلك من خطاياه، فإنّه ما أصاب المؤمنَ من همٍّ ولا غمٍّ ولا أذًى إلّا كفّر الله به من خطاياه (٣)، فذلك في الحقيقة دواءٌ يُستخرج به منه أدواء الخطايا والذُّنوب. ومن رضي أن يلقى الله بأدوائه كلِّها وأسقامه، ولم يُداوِه في الدُّنيا بدواءٍ يوجب له الشِّفاء= فهو مغبونٌ سفيهٌ. فأذى الخلقِ لك كالدّواء الكريه من الطّبيب المشفق عليك، فلا


(١) ش، د: «فاتفق». والمثبت من ل. وأصفق القوم على كذا: أطبقوا عليه واجتمعوا.
(٢) أخرجه أبو عبيد في «الأموال» (٥٢٣). وإسناده صحيح. وانظر: «زاد المعاد» (٣/ ١٣٧) والتعليق عليه.
(٣) كما في حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة الذي أخرجه البخاري (٥٦٤١) ومسلم (٢٥٧٣). وفي الباب عن غيرهما من الصحابة، انظر: «عدة الصابرين» للمؤلف (ص ١٤٤ - ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>