للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: ٥٦]. فالبيان الأوّل شرطٌ، وهذا موجِبٌ.

فصل

المرتبة الثامنة: مرتبة الإسماع.

قال تعالى: {(٢٢) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ} [الأنفال: ٢٣]. وقال (١) تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (١٩) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (٢٠) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (٢١) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٢٢) إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ} [فاطر: ١٩ - ٢٣].

وهذا الإسماع أخصُّ من إسماع الحجَّة والتّبليغ، فإنَّ ذلك حاصلٌ لهم، وبه قامت الحجّة عليهم؛ لكنّ ذاك إسماع الآذان، وهذا إسماع القلوب. فإنّ الكلام له لفظٌ ومعنًى، وله نسبةٌ إلى الأذن والقلب وتعلُّقٌ بهما. فسماعُ لفظه حظُّ الأذن، وسماعُ حقيقة معناه ومقصوده حظُّ القلب. فاللهُ (٢) سبحانه نفى عن الكفّار سماعَ المقصود والمراد الذي هو حظُّ القلب، وأثبت لهم سماعَ الألفاظ الذي هو حظُّ الأذن في قوله: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ} [الأنبياء: ٢]. وهذا السَّماع لا يفيد السّامعَ إلّا قيامَ الحجّة عليه، أو تمكُّنَه منها. وأمّا مقصودُ السّماع وثمرتُه المطلوبةُ منه (٣) فلا


(١) ع: "وقد قال".
(٢) ل: "فإن الله". ش: "وإنه". ع: "فإنه".
(٣) كان في الأصل ول: "وثمرته والمطلوب منه" ــ وكذا في م، ش، ع ــ ثم غيِّر فيهما "المطلوب" إلى "المطلوبة" وشطبت الواو في ل ولم تشطب في الأصل. وفي ج: "وثمرته والمطلوب به منه". ولعل "به" كان في هامش أصلها، وأراد المحشي تصحيح "المطلوب" إلى "المطلوبة"، فكتب: "بة" دون نقط التاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>