للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمشاهدة روحه. فيكون حظُّه من هذه الثّلاثة أرواحَها وحقائقَها، لا صُوَرها ورسومها.

فصل

قال (١): (الدّرجة الثّالثة: معرفة الأدب، ثمّ الفناء عن التّأدُّب بتأديب الحقِّ، ثمّ الخلاصُ من شهود أَعباءِ الأدب).

قوله: (معرفة الأدب).

يعني: لا بدَّ من الاطِّلاع على حقيقته في كلِّ درجةٍ. وإنّما يكون ذلك في الدّرجة الثّالثة، فإنّه يُشرِف منها على الأدب في الدّرجتين الأوليين. فإذا عرفه وصار له حالًا فإنّه ينبغي له أن يفنى عنه، بأن يغلب عليه شهودُ من أقامه فيه، فينسبه إليه تعالى دونَ نفسه، ويفنى عن رؤية نفسه وقيامِها بالأدب بشهود الفضلِ لمن أقامه فيه ومِنَّتهِ. فهذا هو «الفناء عن التّأدُّب بتأديب الحقِّ».

وقوله: (ثمّ الخلاص من شهود أعباء الأدب).

يعني: أنّه يفنى عن مشاهدة الأدب بالكلِّيّة، لاستغراقه في شهود الحقيقة في حضرة الجَمْع التي غيَّبتْه عن الأدب. ففناؤه عن الأدب فيها هو الأدب حقيقةً. فيستريح حينئذٍ من كُلْفة حمْلِ أعباء الأدب وأثقاله، لأنّ استغراقه في شهود الحقيقة لم يُبقِ عليه شيئًا من أعباء الأدب.

* * * *


(١) «المنازل» (ص ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>