للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصُّعود (١) من الرّجاء إلى ميدان البسط، ثمّ التّرقِّي عن السُّرور إلى ميدان المشاهدة).

ذكر في الدّرجة الأولى: كيف يحفظ الحدَّ بين المقامات، حتّى لا يتعدّى إلى غلوٍّ أو جفاءٍ، وذلك سوء أدبٍ.

فذكر منْعَ الخوف أن يُخرِجه إلى الإياس، والرّجاء أن يُخرِجه إلى الأمن، والسُّرور أن يُخرِجه إلى الجرأة.

ثمّ ذكر في هذه الدّرجة: أدب التّرقِّي من هذه الثّلاثة إلى ما يحفظها عليه، ولا يُضيِّعها بالكلِّيّة. كما أنه في الدّرجة الأولى لا يبالغ به، بل يكون خروجه من الخوف إلى القبض، يعني لا يزايل الخوف بالكلِّيّة، فإنّ قبْضَه (٢) لا يُؤيِسه ولا يُقنِّطه، ولا يَحمِله على مخالفةٍ ولا بَطالةٍ (٣). وكذلك رجاؤه لا يقعدُ به عن ميدان البسط، بل يكون بين القبض والبسط، وهذه حال (٤) الكمال، وهي السَّير بين القبض والبسط. وسرورُه لا يُقصِّر به عن ترقِّيه إلى ميدان مشاهدته، بل يَرقى بسروره إلى المشاهدة، ويرجع من رجائه إلى البسط، ومن خوفه إلى القبض.

ومقصوده: أن ينتقل من أشباح هذه الأحوال إلى أرواحها، فإنّ الخوف شَبَحٌ، والقبض روحه. والرّجاء شَبَحٌ، والبسط روحه. والسُّرور شَبَحٌ،


(١) ش، د: «والقعود».
(٢) «فإن قبضه» ليست في ل.
(٣) ل: «ولا يطالبه».
(٤) ل: «حالة».

<<  <  ج: ص:  >  >>