للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصّحيح: أنه ــ لفقرهم وعجزهم وضعفهم ــ لا يستطيعون ضربًا في الأرض، ولكمال عفّتهم وصيانتهم يحسبُهم من لم يعرف حالَهم أغنياء.

والموضع الثّاني: قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الآية [التوبة: ٦٠].

والموضع الثّالث: قوله تعالى: {النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ} [فاطر: ١٥].

فالصِّنف الأوّل: خواصُّ الفقراء. والثّاني: فقراء المسلمين خاصُّهم وعامُّهم. والثّالث: الفقر العامُّ لأهل الأرض كلِّهم: غنيِّهم وفقيرِهم، مؤمنِهم وكافرِهم.

فالفقراء الموصوفون في الآية الأولى: يقابلهم أصحاب الجِدَة (١)، ومن ليس مُحصَرًا في سبيل الله، ومن لا يكتم فقره تعفُّفًا. فمقابلهم أكثر من مقابل الصِّنف الثّاني.

والصِّنف الثّاني: يقابلهم الأغنياء أهل الجِدَة. ويدخل فيهم المتعفِّف وغيره، والمُحصَر في سبيل الله وغيره.

والصِّنف الثّالث: لا مقابلَ لهم. بل الله وحدَه الغنيُّ، وكلُّ ما سواه فقيرٌ إليه.

ومراد القوم بالفقر شيءٌ (٢) أخصُّ من هذا كلِّه. وهو تحقيق العبوديّة


(١) الجِدة: الغِنى.
(٢) «شيء» ليست في ش، د.

<<  <  ج: ص:  >  >>