وأكمل الخلق في هذا هم الرُّسل، وأكملهم أولو العزم، وأكملهم محمّدٌ - صلى الله عليه وسلم -. ولهذا امتنّ سبحانه عليه وعلى أمّته بما آتاهم من الحكمة، كما قال:{وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ}[النساء: ١١٣]. وقال تعالى: {(١٥٠) كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا} [البقرة: ١٥١].
وكلُّ نظام الوجود مرتبطٌ بهذه الصِّفة، وكلُّ خللٍ في الوجود وفي العبد فسببه: الإخلال بها. فأكملُ النّاس أوفرهم منها نصيبًا, وأنقصُهم وأبعدُهم عن الكمال أقلُّهم منها ميراثًا.
ولها ثلاثة أركانٍ: العلم، والحلم، والأناة.
وآفتها وأضدادها: الجهل، والطَّيش، والعَجَلة. فلا حكمةَ لجاهلٍ ولا طائشٍ ولا عَجولٍ.
فصل
قال (١): (الدّرجة الثّانية: أن تشهد نظر الله في وعده, وتعرِف عدلَه في حكمه, وتلحظَ برَّه في منعِه).
أي تعرف الحكمة في الوعد والوعيد، وتشهد حكمه في قوله:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء: ٤٠]. فتشهد عدله في وعيده، وإحسانَه في وعده، وكلٌّ قائمٌ بحكمته.
وكذلك تعرف عدله في أحكامه الشّرعيّة والكونيّة الجارية على