للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل

ومن منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}: منزلة الإيثار. قال الله تعالى في مدح أهله: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: ٩].

فالإيثار ضدّ الشُّحِّ، فإنّ المؤثِرَ على نفسه تاركٌ لما هو محتاجٌ إليه، والشّحيح حريصٌ على ما ليس بيده، فإذا حصل بيده شَحَّ عليه وبَخِلَ بإخراجه. فالبخل ثمرة الشُّحِّ، والشُّحُّ يأمر بالبخل، كما قال النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إيّاكم والشُّحَّ، فإنّ الشُّحّ أهلك مَن كان قبلكم، أمرهم بالبخل فبخِلُوا، وأمرهم بالقطيعة فقطَعوا» (١).

فالبخيل: من أجاب داعيَ الشُّحِّ، والمُؤثِر: من أجاب داعيَ الجود.

وكذلك السّخاء عمّا في أيدي النّاس هو السّخاء، وهو أفضلُ من سخاء البذل. قال عبد الله بن المبارك - رضي الله عنه -: سخاء النّفس عمّا في أيدي النّاس أفضلُ من سخاء النّفس بالبذل (٢).


(١) أخرجه أحمد (٦٤٨٧) وابن حبان (٥١٧٦) والحاكم (١/ ١١) والبيهقي (١٠/ ٢٤٣) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -، ضمن حديث طويل. وإسناده صحيح، واقتصر ابن أبي شيبة (٢٧١٣٩) وأبو داود (١٦٩٨) على الجزء الذي أورده المؤلف.
(٢) «الرسالة القشيرية» (ص ٥٤٥). وهو بلا نسبة في «أمالي القالي» (٢/ ٨٠) و «قوت القلوب» (١/ ٢٥١). ورواه ابن المرزبان في «المروءة» (١١٥)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٣٢/ ٤٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>