للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تطهر ولا تَصلُح البتَّةَ إلّا بمحاسبتها.

قال الحسن - رضي الله عنه -: إنّ المؤمن واللهِ لا تراه إلّا قائمًا على نفسه: ما أردتُ بهذا؟ ما لي ولهذا؟ ونحو هذا من الكلام (١).

فبمحاسبتها يَطَّلع على عيوبها ونقائصها، فيُمكِنه السّعيُ في إصلاحها.

الثّاني: ملاطفة الخلق، وهي معاملتهم بما يحبُّ أن يعاملوه به من اللُّطف. ولا يعاملهم بالعنف والشِّدّة والغلظة، فإنّ ذلك يُنفِّرهم عنه، ويُغرِيهم به، ويُفسِد عليه قلبه وحاله مع الله ووقتَه، فليس للقلب أنفعُ من معاملة النّاس باللُّطف. فإنّ مُعامِله بذلك: إمّا أجنبيٌّ فيكسِب مودَّتَه ومحبّته، وإمّا صاحبٌ وحبيبٌ فيستدِيمُ صحبتَه ومحبتَه، وإمّا عدوٌّ ومُبغِضٌ فتُطفِئ بلطفك جمرتَه، وتَستكفي شرَّه، ويكون احتمالُك لمَضَضِ لطفك به دون احتمالك لضررِ ما ينالك من الغِلظة عليه والعُنْفِ به.

الثّالث: مراقبة الحقِّ سبحانه، وهي الموجبة لكلِّ صلاحٍ وخيرٍ عاجلٍ وآجلٍ. ولا تصحُّ الدّرجتان الأوليان (٢) إلّا بهذه، وهي المقصود لذاته، وما قبله وسيلةٌ إليه وعونٌ عليه. فمراقبة الحقِّ سبحانه تُوجب إصلاحَ النّفس واللُّطفَ بالخلق.


(١) أخرجه ابن أبي الدنيا في «محاسبة النفس» (١٧)، وابن الجوزي في «ذم الهوى» (ص ٤١)، وابن قدامة في «مختصر منهاج القاصدين» (ص ٣٧٣)، والمزي في «تهذيب الكمال» (٣١/ ٥٣١). وانظر: «إحياء علوم الدين» (٤/ ٤٠٤)، و «صفة الصفوة» (٣/ ٢٣٤).
(٢) في النسخ: «الدرجتين الأوليين» منصوبتين، ولا وجه للنصب.

<<  <  ج: ص:  >  >>