للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

قال صاحب «المنازل» (١): (المعاينات ثلاثة. إحداها: معاينة الأبصار. والثّانية: معاينة عين القلب، وهي معرفة الشّيء على نَعْته، علمًا يقطع الرِّيبة، ولا تَشُوبُه حيرةٌ. الثّالثة: معاينة عين الرُّوح، وهي التي تُعايِنُ الحقَّ عيانًا محضًا، والأرواح إنّما ظهرت (٢) وأُكرِمت بالبقاء لِتُناغي سَنا الحضرة، وتُشاهِد بهاء العزّة، وتجذب القلوب إلى فناء الحضرة).

جعل الشّيخ المعاينة للعين والقلب والرُّوح، وجعل لكلِّ معاينةٍ منها حكمًا.

فمعاينة العين: هي رؤية الشّيء عيانًا، إمّا بانطباع صورة المرئيِّ في القوّة الباصرة عند أصحاب الانطباع، وإمّا باتِّصال الشُّعاع المنبسط من العين المتّصل بالمرئيِّ عند أصحاب الشُّعاع، وإمّا بالنِّسبة والإضافة الخاصّة بين العين وبين المرئيِّ عند كثيرٍ من المتكلِّمين. والأقوال الثّلاثة لا تخلو عن خطأٍ وصوابٍ، والحقُّ غيرها، وأنّ الله سبحانه جعل في العين قوّةً باصرةً، كما جعل في الأذن قوّةً سامعةً، وفي الأنف قوّةً شامّةً، وفي اللِّسان قوّةً ناطقةً، فهذه قُوًى أودعَها الله سبحانه هذه الأعضاءَ، وجعل بينها وبينها رابطةً، وجعل لها أسبابًا من خارجٍ (٣)، وموانعَ تمنع حكمها، وكلُّ ما ذكروه من انطباعٍ ومقابلةٍ وشعاعٍ ونسبةٍ وإضافةٍ: فهو سببٌ وشرطٌ، والمقتضي هو القوّة القائمة بالمحلِّ. وليس الغرض ذكر هذه المسألة، فالمقصود أمرٌ آخر.


(١) (ص ٩٤).
(٢) كذا في الأصول وأكثر نسخ «المنازل». وفي المطبوع منه: «طهرت».
(٣) في هامش ش: «ومخارجها».

<<  <  ج: ص:  >  >>