للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن كان مقصوده من أهل العلم والعبادة والزُّهد: الدُّنيا والرِّياسة فقد خالفه في المقصود وإن تقيَّد بالأمر. فإن لم يتقيّد به فقد خالف في المقصود والطّريق.

إذا عُرِف هذا، فقول الشّيخ: (تمكُّن المريد أن يجتمع له صحّةُ قصدٍ تُسيِّره) إشارةٌ إلى صحّة القصد.

وقوله: (ولمعُ شهودٍ يَحمِلُه) إشارةٌ إلى معرفة المقصود، وقوّة اليقين به، فيحصل لقلبه كشفٌ يحمله على سلوكه، فإنّ السّالك إذا كُشِفَ له عن مقصوده حتّى كأنّه يُعايِنه جَدَّ في طلبه، وذهبَ عنه رُخَصُ الفتور.

وقوله: (وسعةُ طريقٍ تُروِّحه) إشارةٌ إلى صحّة طريقه، وذلك بأمرين: بسعتها حتّى لا تضِيقَ عليه، فيعجِز عن سلوكها، وباستقامتها حتّى لا يزيغَ عنها إلى غيرها، فإنّ طريق الحقِّ واسعةٌ مستقيمةٌ، وطرق الباطل ضيِّقةٌ معوجّةٌ. وهذا يدلُّ على رسوخ الشّيخ في العلم، ووقوفه مع السُّنّة، وفقهه في هذا الشّأن.

فصل

قال (١): (الدّرجة الثّانية: تمكُّن السّالك، وهو أن يجتمع له صحّةُ انقطاعٍ، وبرقُ كشفٍ، وصفاءُ حالٍ).

هذه الدّرجة أتمُّ ممّا قبلها، فإنّ تلك تمكُّنٌ في تصحيح قصد الأعمال، وهذه تمكُّنٌ في حال، والتّمكُّن في الحال أبلغ من التّمكُّن في القصد.


(١) «المنازل» (ص ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>