للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالطّالب الجادُّ لا بدّ أن تَعرِض له فترةٌ، فيشتاق في تلك الفترة إلى حاله وقتَ الطّلب والاجتهاد.

ولمّا فَتر الوحيُ عن النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كان يغدو إلى شَواهقِ الجبال ليُلقِي نفسَه، فيتبدَّى له جبريل فيقول له: إنّك رسول الله. فيسكُن لذلك جَأْشُه، وتطمئنُّ نفسه (١).

فتخلُّلُ الفترات للسّالكين أمرٌ لازمٌ لا بدَّ منه. فمن كانت فترتُه إلى مقاربةٍ وتسديدٍ، ولم تُخرِجه من فرضٍ، ولم تُدخِله في محرّمٍ= رُجِيَ له أن يعود خيرًا ممّا كان.

قال عمر بن الخطّاب: إنّ لهذه القلوب إقبالًا وإدبارًا، فإذا أقبلتْ فخذوها بالنّوافل، وإذا (٢) أدبرتْ فأَلزِموها الفرائضَ (٣).

وفي هذه الفترات والغُيوم والحُجُب التي تَعرِض للسّالكين من الحِكم ما لا يعلم تفصيله إلّا الله، وبها يتبيّن الصّادق من الكاذب.

فالكاذب ينقلب على عقبيه، ويعود إلى رسوم طبيعته وهواه.


(١) رواه البخاري (٦٩٨٢) ضمن حديث عائشة - رضي الله عنها -، وهو من بلاغات الزهري وليس موصولًا، كما بينه الحافظ في «الفتح» (١٢/ ٣٥٩).
(٢) ر: «وإن».
(٣) لم أجده عن عمر، وروي نحوه عن ابن مسعود في «الزهد» لابن المبارك (١٣٣١)، و «حلية الأولياء» (١/ ١٣٤)، و «الجامع» للخطيب (١/ ٣٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>