للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل

قال شيخ الإسلام (١): (باب الوجود. أطلق الله تعالى في القرآن اسم الوجود صريحًا في مواضع، فقال: {يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ١١٠]، {اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (٦٤)} [النساء: ٦٤]، {شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ} [النور: ٣٩]. الوجود: الظَّفَر بحقيقة الشّيء، وهو اسمٌ لثلاثة معانٍ، أوّلها: وجود علمٍ لدنِّيٍّ، يقطع علوم الشّواهد في صحّة مكاشفة الحقِّ إيّاك (٢)، والثّاني: وجودُ الحقِّ وجودَ عينٍ منقطعًا عن مَساغِ الإشارة، والثّالث: وجود مقام اضمحلال رسم الوجود فيه بالاستغراق في الأوّليّة) (٣).

هذا الباب هو العلم الذي شمَّر إليه القوم، والغاية التي قصدوها، ولا ريبَ أنّهم قصدوا معنًى صحيحًا، وعبّروا عنه بالوجود، واستدلُّوا عليه بهذه الآيات ونظيرها، ولكن ليس مقصودهم ما تضمّنه الوجدان (٤) في هذه الآيات، فإنّه وجدان لمطلوب تعلّق باسمٍ أو صفةٍ، قال تعالى: {أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (٦٤)} [النساء: ٦٤]، فهذا وجودٌ مقيّدٌ بظَفَرهم بمغفرة الله ورحمته لهم. وكذلك قوله: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ


(١) «المنازل» (ص ١٠٧).
(٢) «في صحة مكاشفة الحق إياك» ليست في ش، د.
(٣) ش: «الأزلية».
(٤) ت: «الوجودان».

<<  <  ج: ص:  >  >>