للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسه أوَّلًا حيث يزعم أنّه وكَّل ربَّه فيه، وتوكَّل عليه فيه، وجعله وكيله القائمَ عنه بمصالحه التي كان يحصِّلها لنفسه بالأسباب والتصرُّفات، وغيرِ ذلك من العلل المتقدِّمة. وقد عرفت ما في ذلك.

وليس في التسليم إلَّا علَّة واحدة، وهي أن لا يكون تسليمه صادرًا عن محض الرِّضا والاختيار، بل يشوبه كرهٌ وانقباض، فيسلِّم على نوع إغماض. فهذه علَّة التسليم المؤثِّرة، فاجتهِدْ على الخلاص منها.

وإنَّما كان للعامَّة عنده لأنَّ الخاصَّة في شغلٍ عنه باستغراقهم في الفناء في عين الجمع. وجعلُ الفناء غايةَ الاستغراق في عين الجمع هو الذي أوجب ما أوجب، والله المستعان.

قال (١): (وهو على ثلاث درجاتٍ: الدرجة الأولى: تسليم ما يزاحم العقول ممَّا سبق (٢) على الأوهام من الغيب، والإذعانُ لما يغالب القياس من سير الدُّول والقِسَم، والإجابةُ لما يفزع المريد من ركوب الأحوال (٣)).

اعلم أنَّ التسليم هو الخلاص من شُبهةٍ تعارض الخبر، أو شهوةٍ تعارض الأمر، أو إرادةٍ تعارض الإخلاص، أو اعتراضٍ يعارض القدر والشرع.


(١) «المنازل» (ص ٣٦ - ٣٧).
(٢) ج، ن: «يشق»، وهو لفظ «المنازل» و «شرح التلمساني» (ص ٢١٢). وفي ل: «يسبق»، وإليه غُيِّر في الأصل. والمثبت هو الذي شرح عليه المؤلف كما سيأتي.
(٣) في هامش ج: «خ: الأهوال»، أي أنه في نسخة كذلك. وهو لفظ مطبوعة «المنازل» و «شرح القاساني» (ص ١٨٨، ١٩٠). والمثبت من النسخ موافق لـ «شرح التلمساني» (ص ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>