للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل

ومن منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}: منزلة الثِّقة بالله.

قال صاحب «المنازل» (١): (الثقة: سواد عين التوكُّل، ونقطة دائرة التفويض، وسويداء قلب التسليم).

وصدَّر الباب بقوله تعالى لأمِّ موسى: {فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي} [القصص: ٧]، فإنَّ فعلها هذا هو عين ثقتها بالله، إذ لولا كمال ثقتها بربِّها لما ألقت ولدها وفلذة كبدها في تيَّار الماء، تتلاعب به أمواجُه وجِرياتُه (٢) إلى حيث ينتهي أو يقف.

ومراده: أنَّ الثقة خلاصةُ التوكُّل ولبُّه، كما أنَّ سواد العين أشرف ما في العين.

وأشار بأنَّه (نقطة دائرة التوكل (٣)) إلى أنَّ مدار التوكُّل عليه، وهو في وسطه كحال النقطة من الدائرة، فإنَّ النقطة هي المركز الذي عليه استدارة المحيط، ونسبة جهات المحيط إليه نسبة واحدة، وكلُّ جزءٍ من أجزاء


(١) (ص ٣٥).
(٢) في عامَّة النسخ يحتمل أن يُقرأ: «وجَرَيانه».
(٣) ع: «التفويض» , وكذا في هامش الأصل, وهو لفظ «المنازل» كما سبق. وإنما أثبتنا ما في صلب الأصل وسائر النسخ لأن المؤلف فسَّره بقوله: «أن مدار التوكل عليه» ولم يقل: «مدار التفويض» مما يؤيِّد أن المثبت هو الذي كتبه المؤلف، على أنه يأتي في آخر الفقرة: «يدور عليها التفويض» , فلعله انتبه له فيما بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>