للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أربابُها قواطعَ عقليَّة، وهي في الحقيقة خيالاتٌ جهليَّة ومُحالاتٌ ذهنيَّة، اعترضوا بها على أسمائه عزَّ وجلَّ وصفاته، وحكموا بها عليه، ونفوا لأجْلِها ما أثبته لنفسه وأثبته له رسوله، وأثبتوا ما نفاه، ووالَوا بها أعداءَه، وعادَوا بها أولياءه، وحرَّفوا بها الكلم عن مواضعه، وتركوا لها نصيبًا كبيرًا ممَّا ذكِّروا به، وتقطَّعوا لها أمرَهم بينهم زبرًا، كلُّ حزبٍ بما لديهم فرحون.

والعاصم من هذا الاعتراض: التسليم المحض للوحي. فإذا سلَّم له القلب رأى صحَّة ما جاء به وأنَّه الحقُّ بصريح العقل والفطرة، فاجتمع له السمع والعقل والفطرة، وهذا أكمل الإيمان، ليس كمن الحَرْبُ قائمٌ بين سمعه وعقله (١) وفطرته.

النوع الثاني: الاعتراض على شرعه وأمره. وأهل هذا الاعتراض ثلاثة أنواعٍ:

أحدها: المعترضون عليه بآرائهم وأقيستهم، المتضمِّنةِ تحليلَ ما حرَّمه الله، وتحريمَ ما أباحه، وإسقاطَ ما أوجبه، وإيجابَ ما أسقطه، وإبطالَ ما صحَّحه، وتصحيحَ ما أبطله، واعتبارَ ما ألغاه، وإلغاءَ ما اعتبره، وتقييدَ ما أطلقه، وإطلاقَ ما قيَّده.

وهذه هي الآراء والأقيسة التي اتَّفق السلفُ قاطبةً على ذمِّها والتّحذير منها، وصاحوا على أصحابها من أقطار الأرض وحذَّروا منهم (٢).

النوع الثاني: الاعتراض على حقائق الإيمان والشرع بالأذواق


(١) ش: «قلبه».
(٢) الأصل، ل: «عنهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>