للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعرَف بنفع العمل وثمرته، من زيادة الإيمان به، وترتُّبِ الغايات الحميدة عليه، وكثرة مواظبة الرّسول - صلى الله عليه وسلم -، وشدّة اعتنائه به، وكثرة الوصيّة به، وإخبارِه أنّ الله يحبُّ فاعله، ويُباهي به ملائكته، ونحو ذلك.

ونكتة المسألة وحرفها: أنّ الصّادق في طلبه يُؤثِر مرضاةَ ربِّه على حظِّه، فإن كان رضا الله في القيام بذلك العمل، وحظُّه في الجمعيّة: خلّى الجمعيّة تذهب، وقام بما فيه رضا الله. ومتّى علم الله من قلبه أنّ مراده وتوقُّعه (١) ليعلم: أيّ الأمرين أحبُّ إلى الله وأرضى له= أنشأَ له من ذلك التّوقُّفِ والتّردُّدِ حالةً شريفةً فاضلةً، حتّى لو أقدمَ على المفضول ــ لِظنِّه أنّه الأحبُّ إلى الله ــ رَدَّتْ تلك النِّيّةُ والإرادة عليه ما ذهبَ عليه وفَاتَه من زيادة العمل الآخر. وبالله التّوفيق.

وفي كلامه معنًى آخر، وهو أنّ صاحب المجاهدات مسافرٌ بعزمه وهمِّه إلى الله، فإذا لاحظ عينَ الجمع ــ وهي الوحدانيّة التي شهودُ عينِها: هو انكشافُ حقيقتها للقلب ــ كان بمنزلة مسافرٍ جادٍّ في سيره (٢)، قد وصل إلى المنزل، وقَرَّتَ عينُه بالوصول، وسكنَتْ نفسُه، كما قيل (٣):

فألقتْ عصاها واستقَرَّ بها النَّوى ... كما قَرَّ عينًا بالإيابِ المسافرُ


(١) ر: «تردده وتوقفه».
(٢) ت: «سفره».
(٣) البيت لمعقّر بن حمار البارقي من قصيدة له في «النقائض» (٢/ ٦٧٨)، و «الأغاني» (١١/ ١٦٠)، و «العقد الفريد» (٥/ ١٤٤)، وللمضرّس الأسدي في «البيان والتبيين» (٣/ ٤٠)، ولراشد بن عبد ربه في «العقد الفريد» (٥/ ١٤٦)، وللأحمر بن سالم المزني في «بهجة المجالس» (١/ ٢٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>