للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشّياطين. وعكسه رؤيا العَتَمة عند انتشار الشّياطين والأرواح الشّيطانيّة.

وقال عبادة بن الصّامت - رضي الله عنه -: رؤيا المؤمن كلامٌ يكلِّم به الرّبُّ عبدَه في المنام (١).

وللرُّؤيا ملكٌ موكَّلٌ بها، يُريها العبد في أمثالٍ تناسبه وتشاكله، فيضربها لكلِّ أحدٍ بحسبه. وقال مالكٌ - رضي الله عنه -: "الرُّؤيا من الوحي" (٢)، وزجَر عن تفسيرها بلا علمٍ، وقال: أيُتلاعب بوحي الله تعالى؟ (٣).

ولذكر الرُّؤيا وأحكامها وتفاصيلها وطرق تأويلها مظانُّ مخصوصةٌ بها، يُخرجنا ذكرُها عن المقصود. والله أعلم.

فصل

في بيان اشتمال الفاتحة على الشفاءين: شفاء القلوب وشفاء الأبدان

فأمّا اشتمالها على شفاء القلوب، فإنّها اشتملت عليه أتمَّ اشتمالٍ، فإنّ مدار اعتلال القلوب وأسقامها على أصلين: فساد العلم، وفساد القصد. ويترتّب عليهما داءان قاتلان، وهما الضّلال والغضب. فالضّلال نتيجة فساد العلم، والغضب نتيجة فساد القصد؛ وهذان المرضان هما ملاك أمراض القلوب جميعها.


(١) تقدم تخريجه قريبًا.
(٢) في هامش ع: "وحيٌ" مع علامة صح.
(٣) حكاه ابن عبد البر في "التمهيد" (١/ ٢٨٨) ولفظه: "قيل لمالك - رحمه الله -: أيعبُر الرؤيا كلُّ أحد؟ فقال: أبالنبوة يُلعب؟ ... ثم قال: الرؤيا جزء من النبوة، فلا يتلاعب بالنبوة".

<<  <  ج: ص:  >  >>