للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وانظر قلّة أدب عَوفٍ مع خالدٍ: كيف حَرَمَه السّلَبَ بعد أن بَرَدَ بيديه؟ (١).

وانظر أدب الصِّدِّيق رضي الله عنه وأرضاه مع النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الصّلاة: أن يتقدّم بين يديه، وقال: «ما كان ينبغي لابن أبي قُحافة أن يتقدَّم بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» (٢)، كيف أورثه مقامَه والإمامةَ بالأمّة بعده؟ فكان ذلك التّأخُّر إلى خلفِه ــ وقد أومأ إليه أن اثبُتْ مكانَك ــ جَمْزًا وسعيًا إلى قُدَّام، بكلِّ خطوةٍ إلى وراء مراحلَ إلى قُدَّام تنقطعُ فيها أعناقُ المطيِّ.

فصل

قال صاحب «المنازل» - رحمه الله - (٣): (الأدب: حفظ الحدِّ بين الغلوِّ والجفاء، بمعرفة ضرر العدوان).

هذا من أحسن الحدود، فإنّ الانحراف إلى أحد طرفي الغلوِّ والجفاء هو قلّة الأدب. والأدب: الوقف في الوسط بين الطّرفين، فلا يُقصِّر بحدود الشّرع عن تمامها، ولا يتجاوز بها ما (٤) جُعِلتْ حدودًا له، فكلاهما عدوانٌ، والله لا يحبُّ المعتدين. والعدوان هو سوء الأدب.

وقال بعض السّلف: دين الله بين الغالي فيه والجافي عنه (٥).


(١) بَرَد بيديه: أي مات المقتولُ بسببه فاستحقَّ القاتل سَلَبه. وقصة عوف بن مالك مع خالد بن الوليد - رضي الله عنهما - أخرجها مسلم (١٧٥٣) من حديث عوف - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه البخاري (٦٨٤، ١٢١٨) ومسلم (٤٢١) من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه -.
(٣) (ص ٥٢).
(٤) «ما» ليست في ش، د.
(٥) رواه الدارمي (٢٢٢) والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (٧٤٣) عن الحسن البصري بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>