للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ذكر الله هاهنا قولان (١):

أحدهما: أنّه ذكرُ العبد ربَّه، فإنّه يطمئنُّ إليه قلبه ويسكن. فإذا اضطرب القلب وقلِقَ فليس له ما يطمئنُّ به سوى ذكر الله.

ثمّ اختلف أصحاب هذا القول فيه.

فمنهم من قال: هذا في الحلف واليمين. إذا حلف المؤمن على شيءٍ سكنت قلوب المؤمنين إليه واطمأنّتْ، ويُروى هذا عن ابن عبّاسٍ - رضي الله عنهما - (٢).

ومنهم من قال: بل هو ذكرُ العبد ربّه (٣) بينه وبينه، يسكُن إليه قلبه ويطمئنُّ.

والقول الثّاني: أنّ ذِكر الله هاهنا القرآن، وهو ذِكرُه الذي أنزله على رسوله، به طمأنينةُ قلوب المؤمنين. فإنّ القلب لا يطمئنُّ إلّا بالإيمان واليقين، ولا سبيلَ إلى حصول الإيمان واليقين إلّا من القرآن، فإنّ سكون القلب وطمأنينته من يقينه (٤)، واضطرابه وقلقَه من شكِّه. والقرآن هو المحصِّل لليقين، الدّافع للشُّكوك والظُّنون والأوهام، فلا تطمئنُّ قلوب المؤمنين إلّا به. وهذا القول هو المختار.


(١) انظر: «تفسير البغوي» (٣/ ١٧)، و «زاد المسير» (٤/ ٣٢٧)، و «تفسير القرطبي» (٩/ ٣١٥) وغيرها.
(٢) ذكره البغوي (٣/ ١٧).
(٣) «ربه» ليس في ش، د.
(٤) ل: «نفسه»، تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>