للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستعان، وعليه التُّكلان، وما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن.

والمقصود: أنّ المراتب عندهم ثلاثةٌ:

مرتبة التّقوى، وهي مرتبة التّعبد (١) والتّنسُّك.

ومرتّبة التّصوُّف، وهي مرتبة التّفتِّي بكلِّ خلقٍ حسنٍ، والخروجِ من كلِّ ذميمٍ.

ومرتبة الفقر، وهي مرتبة التّجرُّد، وقطعِ كلُّ علاقةٍ تحول بين القلب وبين الله تعالى.

فهذه مراتب طلّاب الآخرة. ومَن عداهم فمع القاعدين المتخلِّفين.

فأشار أبو القاسم الجنيد - رحمه الله - أنّ المريد لله (٢) بصدقٍ إذا أراد الله به خيرًا: أوقعه على طائفة الصُّوفيّة، يُهذِّبون أخلاقه، ويدلُّونه على تزكية نفسه، وإزالة أخلاقها الذّميمة، والاستبدالِ بالأخلاق الحميدة، ويُعرِّفونه منازلَ الطّريق ومَحاراتها (٣)، وقواطعها وآفاتها.

وأمّا القُرّاء فيدقُّونه بالعبادة من الصّوم والصّلاة دَقًّا، ولا يُذِيقونه شيئًا من حلاوة أعمال القلوب وتهذيب النُّفوس، إذ ليس ذلك طريقتهم. ولهذا بينهم وبين أرباب التّصوُّف نوعُ تنافرٍ، كما تقدّم.

والبصير الصّادق يضرب في كلِّ غنيمةٍ بسهمٍ، ويعاشر كلَّ طائفةٍ على


(١) ل: «العبادة التعبد».
(٢) «لله» ليست في ل.
(٣) ش، د: «ومجاراتها». والمحارات بمعنى متاهات الطرق.

<<  <  ج: ص:  >  >>