للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل نقول: لو كانا سواءً لكان اتِّخاذ هذا السّماع قربةً وطاعةً تُستنزَل (١) به المعارف والأذواق والمواجيد وتُحَلُّ به (٢) الأحوال= بمنزلة التقرُّب إلى الله بأصوات الطُّيور، ومعاذ الله أن يكونا سواءً.

والذي يفصل النِّزاع في حكم هذه المسألة ثلاثُ قواعدَ مِن أهمِّ قواعد الإيمان والسُّلوك، فمن لم يَبْنِ عليها فبناؤه على شفا جرفٍ هارٍ.

القاعدة الأولى: أنَّ الذوق والحال والوجد: هل هو حاكمٌ أو محكومٌ عليه, فيُحكم عليه (٣) بحاكمٍ آخر أو يُتحاكم (٤) إليه؟

فهذا منشأ ضلال من ضلَّ من المفسدين لطريق القوم الصَّحيحة، حيث جعلوه حاكمًا، فتحاكموا إليه فيما يسوغ ويمتنع، وفيما هو صحيح وفاسد، وجعلوه محكًّا (٥) للحقِّ والباطل، فنبذوا لذلك موجَب العلم والنُّصوص، وحكَّموا عليها الأذواق والأحوال والمواجيد، فعَظُم الأمر وتفاقم الفساد، وطَمَست معالمُ الإيمان والسُّلوك المستقيم، وانعكس السَّير، وكان إلى الله فصيَّروه إلى النُّفوس، فالنَّاس المحجوبون عن أذواقهم يعبدون الله، وهؤلاء يعبدون نفوسهم (٦).


(١) في عامَّة النسخ عدا ش، ع: «مستنزل»، ولعل المثبت منهما هو الصواب.
(٢) أي: تُنْزَل به. وفي الأصل، ل: «تُحك به». وفي ج، ن: «تحكمه». ولعل المثبت من م، ش أشبه.
(٣) «فيحكم عليه» ساقط من ع.
(٤) في النسخ عدا ع: «متحاكم»، ولعل المثبت من ع أشبه.
(٥) م، ن، ع: «محكمًا».
(٦) بإزاء هذه الفقرة حاشية في ل نصُّها: « ... فيا غربة الإسلام في عاشر قرن».

<<  <  ج: ص:  >  >>