للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلّا الله" (١)، ولأنّه لا يصحُّ مقامٌ من المقامات ولا حالٌ من الأحوال إلّا به، فلا وجه لجعله آخر المقامات. وهو مفتاحُ دعوة الرُّسل، وأوّلُ فرضٍ فرضه الله على العباد. وما عدا هذا من الأقوال فخطأٌ، كقول من يقول: أوّلُ الفروض النّظرُ، أو القصدُ إلى النّظر، أو المعرفةُ، أو الشَّكُّ الذي يوجب النّظر (٢). وكلُّ هذه الأقوال خطأٌ، بل أوّلُ الواجبات مفتاحُ دعوة المرسلين كلِّهم، وهو أوّلُ ما دعا إليه فاتحُهم نوحٌ (٣): {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: ٥٩]، وأوّلُ ما دعا إليه خاتمهم محمّدٌ - صلى الله عليه وسلم - (٤).

ولأرباب السُّلوك اختلافٌ كثيرٌ في عدد المقامات وترتيبها، كلٌّ يصِفُ منازلَ سيره، وحالَ سلوكه. ولهم اختلافٌ في بعض منازل السَّير: هل هي من قسم المقامات أو من قسم الأحوال؟ والفرق بينهما: أنّ المقامات كسبيّةٌ، والأحوال موهبة (٥)، ومنهم من يقول: الأحوال هي نتائج المقامات، والمقامات نتائج الأعمال (٦).


(١) أخرجه البخاري (١٤٥٨) ومسلم (١٩) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٢) انظر لردِّ هذه الأقوال وبيان فسادها: "الاستقامة" (١/ ١٤٢ - ١٤٣)، و"درء التعارض" (٧/ ٣٥٣)، و"مجموع الفتاوى" (١٦/ ٣٣١).
(٣) بعده في ع زيادة: "بقوله".
(٤) سيأتي نحوه في منزلة التوحيد (٤/ ٤٣٩). وانظر: "جامع المسائل" (٨/ ١٧١).
(٥) ع: "موهبية". وانظر: "الرسالة القشيرية" (ص ٢٣٧).
(٦) لم أجد هذا القول، ولكن انظر للفرق بين المقام والحال بالإضافة إلى المصدر السابق: "اللمع" (ص ٤١ - ٤٢) و"عوارف المعارف" (٢/ ٢٦٤). وبعده في ع زيادة: "فكلُّ من كان أصحَّ عملًا كان أعلى مقامًا، وكلُّ مَن كان أعلى مقامًا كان أعظم حالًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>