للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا توحيدُ الطَّوائف (١)، ومَن النّاس إلّا أولئك!

فصل

وأمَّا التوحيدُ الذي دعت إليه رسلُ الله ونزلت به كتُبه، فوراء ذلك كلِّه. وهو نوعان: توحيدٌ في المعرفة والإثبات، وتوحيدٌ في المطلب والقصد.

فالأوّل: هو إثباتُ حقيقةِ ذات الرَّبِّ تعالى وصفاته وأفعاله وأسمائه، وعلوِّه فوق سماواته على عرشه، وتكلُّمه بكتبه، وتكليمه لمن شاء من عباده؛ وإثباتُ عموم قضائه وقدره وحكمته. وقد أفصح القرآن عن هذا النّوع جِدَّ الإفصاح (٢)، كما في أوّل الحديد، وسورة طه، وآخر الحشر، وأوّل تنزيل السّجدة، وأوّل آل عمران، وسورة الإخلاص بكمالها، وغير ذلك.

النّوع الثّاني: مثل ما تضمّنته سورةُ (قل ياأيُّها الكافرون)، وقولُه: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: ٦٤]، وأوّلُ سورة تنزيل الكتاب وآخرُها، وأوّلُ سورة يونس ووسطُها وآخرُها، وأوَّلُ سورة الأعراف وآخرُها، وجملةُ سورة الأنعام.

وغالبُ سور القرآن، بل كلُّ سورةٍ سورةٍ في القرآن، فهي متضمِّنةٌ لنوعَي التَّوحيد. بل نقول قولًا كلِّيًّا: إنَّ كلَّ آيةٍ في القرآن فهي متضمِّنةٌ للتّوحيد، شاهدةٌ به، داعيةٌ إليه؛ فإنَّ القرآنَ إمّا خبرٌ عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله (٣)، فهو التَّوحيدُ العلميُّ الخبريُّ. وإمّا دعوةٌ إلى عبادته وحده لا


(١) ذكر في «الصواعق» (٣/ ٩٢٩) أنَّ التوحيد «اسم لستَّة معانٍ»، ثم شرحها.
(٢) ش، د: «كل الإفصاح».
(٣) بعده في ت زيادة: «وأقواله».

<<  <  ج: ص:  >  >>