للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل

ومن منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}: منزلة الإشفاق؛ قال تعالى: {الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء: ٤٩]، وقال تعالى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٢٥) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (٢٦) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: ٢٥ - ٢٧].

الإشفاق رقَّة الخوف، وهو خوفٌ برحمةٍ من الخائف لمن يخاف عليه، فنسبته إلى الخوف نسبة الرَّأفة إلى الرحمة، فإنَّها ألطف الرحمة وأرقُّها.

ولهذا قال صاحب «المنازل» - رحمه الله - (١): (الإشفاق: دوام الحَذَر مقرونًا بالترحُّم، وهو على ثلاث درجاتٍ، الأولى: إشفاق على النفس أن تجمح إلى العناد). أي: تُسرعَ وتذهبَ إلى طريق الهوى والعصيان ومعاندة العبوديَّة.

(وإشفاقٌ على العمل: أن يصير إلى الضياع).

أي: يخاف على عمله أن يكون من الأعمال التي قال الله تعالى فيها: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: ٢٣]، وهي الأعمال التي كانت لغير الله، وعلى غير أمره وسنَّة رسوله.

ويخاف أيضًا أن يضيع عملُه في المستقبل، إمَّا بتركه، وإمَّا بمعاصٍ (٢)


(١) (ص ٢١).
(٢) في النسخ عدا ل، ع: «بمعارض»، ثم أُصلح في الأصل بمسح الراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>