للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ومن منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}: منزلة البسطة (١)، والتّخلِّي عن القبض (٢).

وهي منزلةٌ شريفةٌ لطيفةٌ، وهي صِوانٌ (٣) على الحال، وداعيةٌ لمحبّة الخلق.

وقد غلِطَ صاحب «المنازل» - رحمه الله - حيث صدّرها بقوله تعالى حكايةً عن كليمه موسى عليه السّلام أنه قال: {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ} [الأعراف: ١٥٥]. وكأنّه فهمَ من هذا الخطاب: انبساطٌ (٤) بين موسى وبين الله تعالى حَمَلَه على أن قال: {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ}.

وسمعت بعض الصُّوفيّة يقول لآخر وهما في الطّواف: لمّا قال: {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ} تداركَ هذا الانبساطَ بالتّذلُّل والتملُّق بقوله: {أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ} [الأعراف: ١٥٥]، أو نحو هذا من الكلام.

وكلُّ هذا وهمٌ وفهمٌ خلاف المقصود، فالفتنة هاهنا: هي الامتحان


(١) في «المنازل»: «الانبساط».
(٢) هذه المنزلة بتمامها ساقطة من طبعة دار الصميعي، وهي مثبتة في الأصول وطبعة الفقي.
(٣) في الأصول: «صنوان»، وهو تحريف. والمعنى أنها تصون الحال. وسيأتي في الكتاب (٤/ ٤٤): «فأدبهم صِوانٌ على أحوالهم».
(٤) كذا في ش، ل. وأصلحه في د فجعله: «أن الانبساط».

<<  <  ج: ص:  >  >>