للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من معرفة الأسماء والصِّفات والفقه فيها ما حُجِب عن غيره.

قوله (١): (أمّا الدّرجة الأولى ــ وهي تلخيص مصحوبك من الحقِّ ــ: فأن لا يخالج علمُك علمَه).

يعني: أنّك كنتَ تنسبُ العلمَ إلى نفسك قبل وصولك إلى مقام التّحقيق، ففي حالة التّحقيق تعود فتنسبُه إلى معلِّمه ومعطيه الحقِّ. ولعلّ هذا معنى قول الرُّسل ــ صلوات الله وسلامه عليهم ــ إذا جمعهم الرّبُّ تعالى وقال: {مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا} [المائدة: ١٠٩]. قيل: قالوه تأدبًا معه سبحانه، إذ ردُّوا العلم إليه. وقيل: معناه لا علم لنا بحقيقة الباطن، وإنّما أجابنا من أجابنا ظاهرًا، والباطن غيبٌ، وأنت علّام الغيوب.

والتّحقيق ــ إن شاء الله ــ: أنّ علومهم تلاشَتْ في علمه سبحانه واضمحلَّتْ، فكانت بالنِّسبة إليه كلا علمٍ، فردُّوا العلم كلَّه إلى وليِّه وأهله ومن هو أولى به، فعلومهم وعلوم الخلائق جميعهم في جنب علمه كنَقْرة عصفورٍ من بحار العالم.

و «المخالجة» المنازعة.

قوله (٢): (وأمّا الدّرجة الثّانية: فأن لا يُنازِع شهودُك شهودَه).

هذا قريبٌ من المعنى الأوّل، والمعنى: أنّ الشُّهود الذي كنت تنسبُه إلى نفسك قبل الفناء تصير بعدَه تنسبُه إليه تعالى، لا إليك.


(١) «المنازل» (ص ١٠٥).
(٢) «المنازل» (ص ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>