للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشقُّ منه وهو تاليه في الدرجة، ودرجة الصِّدِّيقين أعلى من درجة المجاهدين والشُّهداء، وفي «مسند الإمام أحمد - رحمه الله -» (١) من حديث عبد الله بن مسعودٍ - رضي الله عنه - أنَّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذُكر عنده الشُّهداء فقال: «إنَّ أكثر شهداء أمّتي لأصحابُ الفرش، ورُبَّ قتيلٍ بين الصَّفَّين اللهُ أعلم بنيَّته».

فصل

ومن علامات الإنابة تركُ الاستهانة بأهل الغفلة والخوفِ عليهم مع فتحك بابَ الرَّجاء لنفسك، فترجو لنفسك الرّحمة وتخشى على أهل الغفلة النِّقمة، ولكن ارجُ لهم الرّحمة واخشَ على نفسك النِّقمة (٢)، فإن كنت لا بدَّ مستهينًا بهم ماقتًا لهم لانكشاف أحوالهم لك ورؤية ما هم عليه، فكن لنفسك أشدَّ مقتًا منك لهم، وكن لهم أرجى لرحمة الله منك لنفسك.

قال بعض السَّلف: لن تفقه كلَّ الفقه حتَّى تمقت الخلق (٣) في ذات الله، ثمّ تُقبل على (٤) نفسك فتكون لها أشدَّ مقتًا (٥).


(١) برقم (٣٧٧٢)، وقد أُعلَّ بابن لهيعة وبجهالة «أبي محمد» الراوي عن ابن مسعود. فأمَّا العلّة الأولى فمدفوعة بمتابعة الليث بن سعد له عند ابن أبي شيبة في «مسنده» (٤٠٣)، وأما الثانية فبأن الراوي عن أبي محمد قد وصفه بأنه كان من أصحاب ابن مسعود»، والأصل في أصحابه أنهم كلهم ثقات. وعليه فإسناده حسن إن شاء الله.
(٢) «ولكن ... النقمة» سقط من ج، ن لانتقال النظر.
(٣) ع: «الناس».
(٤) ع: «ترجع إلى».
(٥) رُوي عن أبي الدرداء - رضي الله عنه -. أخرجه معمر في «جامعه» (٢٠٤٧٣) وابن أبي شيبة (٣٥٧٢٦) وأحمد في «الزهد» (ص ١٦٧) وكذا أبو داود (٢٤٢) وغيرهم من طريق أيوب عن أبي قلابة عنه، وهو مرسل لأن أبا قلابة لم يُدرك أبا الدرداء، إلا أن يكون حدَّثته بذلك أم الدرداء (الصغرى) فإن له نظائر.

<<  <  ج: ص:  >  >>