للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير ذلك فهو حظُّه ونصيبه في الدُّنيا والآخرة. وبالله المستعان.

فصل

ومن أحكام التَّوبة: أنَّ من تعذَّر عليه أداءُ الحقِّ الذي فرَّط فيه ولم يمكنه تداركُه، ثمَّ تاب، فكيف حكمُ توبته؟

وهذا يتصوَّر في حقِّ الله وحقوق عباده.

فأمَّا في حقِّ الله، فكمن ترك الصَّلاة عمدًا من غير عذرٍ مع علمه بوجوبها وفرضها، ثمَّ تاب وندم. فاختلف السَّلفُ في هذه المسألة (١).

فقالت طائفةٌ: توبتُه بالنَّدَم والاشتغال بأداء الفرائض المستأنفة وقضاء الفرائض المتروكة. وهذا قول الأئمّة الأربعة وغيرهم.

وقالت طائفةٌ: توبةُ هذا (٢) باستئناف العمل في المستقبل ولا ينفعه تداركُ ما مضى بالقضاء ولا يُقبَل منه، فلا يجب عليه. وهذا قول أهل الظَّاهر، وهو مرويٌّ عن جماعةٍ من السَّلَف.

وحجّةُ المُوجِبين: قولُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "من نام عن صلاةٍ أو نسيها فليصلِّها إذا ذكرها" (٣).


(١) انظر: "المحلَّى" (٢/ ١٠ - ١٨)، و"المفهم" لأبي العباس القرطبي (٢/ ٣٠٩ - ٣١٠)، و"المجموع" للنووي (٣/ ٧١)، و"مجموع الفتاوى" (٢٢/ ٤٠ - ٤٦). وللمؤلف بحث طويل في هذه المسألة في "كتاب الصلاة" له (ص ١٢٣ - ٢٠٦).
(٢) ع: "توبته".
(٣) أخرجه البخاري (٥٩٧)، ومسلم (٦٨٤) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>