للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثّاني: أن يعلم أنّ الاستقامة إنّما تكون بعد الثِّقة، أي لا يُتصوَّر حصول الاستقامة في القول والعمل والحال إلّا بعد الثِّقة بصحّة ما معه من العلم، وأنّه مقتبسٌ من مشكاة النُّبوّة. ومن لم يكن كذلك فلا ثقةَ له، فلا استقامةَ له.

الثّالث: أن يعلم أنّ البيِّنة وراء الحجّة. البيِّنة مراده بها: استبانة الحقِّ وظهورُه، وهذا إنّما يكون بعد الحجّة، فإنّ الحجة إذا قامت استبان الحقُّ وظهر واتّضح.

وفيه معنًى آخر، وهو: أنّ العبد إذا قبل حجّة الله بمحض الإيمان والتّسليم والانقياد، كان هذا القبول هو سبب تبيُّنها له وظهورها وانكشافها لقلبه. فلا يصير على بيِّنةٍ من ربِّه إلّا بعد قبول حجّته.

وفيه معنًى آخر أيضًا، وهو: أنّه لا يتبيّن له عيبُ عملِه من صحّته إلّا بعد العلم الذي هو حجّة الله على العبد، فإذا عرف الحجّة اتّضح (١) له بها ما كان مشكلًا عليه من علومه، وما كان مَعِيبًا من أعماله.

وفيه معنًى آخر أيضًا، وهو: أن يكون «وراء» بمعنى أمام، والمعنى: أنّ الحجّة إنّما تحصل للعبد بعد تبيُّنها، فإذا لم تَتبيَّن له لم يكن له حجّةٌ، يعني: فلا يقنع من الحجّة بمجرّد حصولها بلا تبيُّنٍ، فإنّ التّبيُّن أمام الحجّة.

فصل

قال (٢): (الدّرجة الثّانية: أن ترضى (٣) بمن رضي الحقُّ به لنفسه عبدًا من


(١) ش، د: «أفصح».
(٢) «المنازل» (ص ٤٧).
(٣) في النسخ: «يرضى». والمثبت من «المنازل»، وهو الموافق للسياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>