للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله: "وما بالرَّبْع من أحدٍ إلّا أَوَاريَّ" (١)، يُفهَم منه: لو وجدتُ فيها أحدًا لاستثنيتُه، ولم أعدل إلى الأَواريِّ التي ليست بأحدٍ.

وقريبٌ من هذا لفظة "أو" في قوله تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة: ٧٤]، وقوله: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: ١٤٧]. هو كالتَّنصيص على أنَّ المرادَ بالأوّل: الحقيقة لا المبالغة، فإنَّها إن لم تزد قسوتُها على الحجارة فهي كالحجارة في القسوة لا دونها، وأنّه إن لم يزد عددُهم على مائة ألفٍ لم ينقُصْ عنها. فذكرُ "أو" هاهنا كالتَّنصيص على حفظ المائة الألف، وأنّها ليست ممّا أريد بها المبالغة (٢). والله أعلم.

فصل

وأمَّا الكبائر، فاختلف السَّلفُ فيها اختلافًا لا يرجع إلى تباينٍ وتضادٍّ، وأقوالهم متقاربةٌ.

وفي "الصَّحيحين" (٣) من حديث الشَّعبيِّ، عن عبد الله بن عمرٍو، عن


(١) كذا مضبوطًا بالنصب في ق، ش. ويروى بالرَّفع. وهو جزء من قول النابغة الذبياني في "ديوانه" (ص ١٤):
وقفتُ فيها أُصَيلانًا أسائلُها ... عيَّتْ جوابًا وما بالرَّبْع من أحدِ
إلَّا أواريَّ لَأْيًا ما أُبيِّنُها ... والنُّؤْيَ كالحوضِ بالمظلومةِ الجَلَد
والأَواريُّ جمع الآريِّ وهو محبس الدابَّة.
(٢) انظر نحوه في "التبيان" للمؤلف (ص ٣٧٢).
(٣) كذا في جميع النسخ. والحديث إنما أخرجه البخاري (٦٦٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>